Des commentaires !!!!!!!!!

  Accueil ] Remonter ]

الصين قوة محاصرة

 


تأليف : جان فانسان بريسيه

الناشر: معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية المطبوعات الجامعية الفرنسية ـ باريس 2002

الصفحات 142 صفحة من القطع الوسط

عمل جان فانسان بريسيه، مؤلف هذا الكتاب لسنوات كطيار في اطار القوات الجوية الفرنسية «الاستراتيجية» ثم انتقل بعد ذلك لميدان البحث في العلاقات الدولية عامة وفي الشئون الصينية بشكل خاص، يعمل الان مديرا للبحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس، كما انه عضو مؤسس في مركز الاستراتيجيات الصينية والاسيوية.

الى اين تذهب الصين؟

هذا هو السؤال الذي يطرحه المحللون الاستراتيجيون اليوم ويتفقون جميعهم تقريبا على القول ان الصين هي القوة الصاعدة في أفق العقود الثلاثة المقبلة، وهذا ما يصل اليه «جان فانسان بريسيه» في هذا الكتاب «الصين، قوة محاصرة؟» رغم اشارة الاستفهام انه يبدأ تحليلاته بعرض المعطيات الاساسية التي تشكل «اللوحة العيانية» الراهنة للصين التي تمتلك اكبر جيش في العالم بواقع 25 مليون جندي عامل في صفوفه «جيش التحرير الشعبي» ثم ان الصين عضو دائم في مجلس الامن الدولي؟ وهي قوة نووية منذ اكثر من اربعة عقود من الزمن، لكن مع هذا كله ينطرح سؤال كبير حول «الدور العالمي» الذي تلعبه الصين اليوم؟ هذا مع التأكيد بنفس الوقت بأنها قوة اقليمية مسيطرة «بدون شك».

واذا كان مؤلف هذا الكتاب يؤكد ان الافق «مفتوح» امام الصين فإنه يركز بنفس الوقت على القول ان الاستراتيجيين الصينيين يواجهون في الحقبة الراهنة صعوبات كبيرة كنتيجة للمسيرة التطورية والخاصة لبلادهم، ذلك ان الجيش الصيني، وعلى الرغم من الزيادات الكبيرة التي شهدتها الميزانيات الاخيرة في حقل الدفاع، لايزال يعاني من الفقر ومن تواضع تجهيزاته ووضع تدريبه، ربما ماعدا «نواة» صغيرة من اصحاب الامتيازات فيه،

ويضاف الى هذا واقع ان الصين محاطة بعدد كبير من الدول المجاورة، بل ان عدد «جيرانها» يفوق اية دولة اخرى في العالم، ويسود بنفس الوقت لدى الصينيين الاحساس بأنهم كانوا ضحية اتفاقيات ظالمة بالنسبة لهم، وتشكل الازمة «التايوانية» الصين الوطنية احد التحديات التي تواجهها الصين الشعبية، هذا فضلا عن علاقاتها المتوترة مع الهند وحالة القلق التي تثيرها لدى بقية بلدان جنوب شرق اسيا، وخاصة لدى اليابان «الخصم التاريخي» ويضع المؤلف في هذا السياق التنافس المعلن او غير المعلن، بين الصين والولايات المتحدة الاميركية في مقدمة الاهتمامات الاستراتيجية لقادة بكين في افق المستقبل القريب.

بالمقابل ورغم القوة الهائلة التي تتمتع بها الصين عسكريا فإن هذه النقطة بالذات تشكل موطن ضعفها الاساسي بالقياس الى القوة العسكرية الاميركية بالدرجة الاولى، ولذلك يستخدم القادة الصينيون جميع الاستراتيجيات من اجل «ردم الهوة» على هذه الصعيد، ولا يترددون ضمن هذا الاطار في العودة الى تعاليم اكبر استراتيجي الصين في كل العصور، اي «صن تسي»

تتوزع موارد هذا الكتاب بين اربعة فصول اساسية يعالج الاول منها «مفهوم الاراضي الصينية» حيث تتم مناقشة مختلف القضايا الخاصة بمطالبة الصين بحقها في ضم عدد من المناطق المجاورة لها على اعتبار انها تشكل اولا جزءا لا يتجزأ من امبراطوريتها، وتمثل ثانيا مجالا استراتيجيا حيويا بالنسبة لأمنها، وحالة «تايوان» صريحة في هذا الاطار، ويناقش المؤلف في الفصل الثاني، حالة القوات العسكرية الصينية بمكوناتها «النظامية» و «النووية» و «انماط عملها» اما الفصل الثالث والاكثر اسهابا واهمية في الكتاب فإنه يخص «التوجهات الاستراتيجية للصين» حيال العديد من القوى الاقليمية والعالمية بدءا من روسيا ووصولا الى الولايات المتحدة الاميركية ومرورا بـ «منغوليا» و «الجمهوريات الاسلامية في اسيا الوسطى» و «الباكستان» و «الهند» و «مجموعة بلدان جنوب شرق اسيا» و«تايوان» و «كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية» و «اليابان» الفصل الرابع والاخير تكرس لدراسة «العقائد الدفاعية» الصينية وخاصة من زاوية الموقف الصيني من قضايا السلام التي تثيرها منظمة الامم المتحدة والمفهوم الدفاعي النووي الصيني والمسار التطوري للاستراتيجيات الصينية حيال العالم الخارجي.

ان الصين عاشت باستمرار كما يراها هذا الكتاب، حلما امبراطوريا على قاعدة وجود مجال جغرافي موحد ثقافيا واثنيا، وحتى لو ان هذا المجال قد عرف خلال مسيرته التاريخية الطويلة الكثير من التوترات والمنازعات داخل اطاره العام، وعبر هذا «الجدل» بين «ارادة التوحيد» و «واقع النزاعات الداخلية» تشكل الفكر العسكري والاستراتيجي للصين، وهذا ما بدا منذ اعمال المفكر الاستراتيجي الصيني الاكبر «صن تسي» قبل حوالي خمسة قرون من الميلاد،

وبهذا المعنى تبدو النزاعات الداخلية الصينية وكأنها كانت دائما بين «خصوم لديهم نفس الثقافة المشتركة» وبالتالي كانت نزاعات على السلطة اكثر مما هي «بين امم» وبدلا من مفهوم «المواجهة مجابهة» كما هو سائد في الثقافة العسكرية الغربية تعتمد اطروحات «صن تسي» وورثته على مسلمة اخرى تقول بعدم الشروع في اي عمل اذا لم يكن الانتصار فيه مؤكدا «ومن هنا يأتي «واجب الانتظار» الذي يتم خلطه غالبا مع «الصبر الشرقي غير المحدود».

يرى الصينيون المتزمتون من عرق الـ «هان» ان العالم يتألف من خمسة مجالات كبيرة، في الوسط تقوم الصين وحيدة، عظيمة، امبريالية، وحول هذا «الوسط» المركز تتواجد الدوائر الاربعة الاخرى التي يتشكل منها بقية العالم، الصين اذن هي «الوسط» وهي محاطة بـ «البرابرة» من الشمال والجنوب والشرق والغرب وبنفس الوقت رأى الصينيون المتزمتون ان علاقتهم بـ «الاخرين» انما هي علاقة السادة بالعبيد لكن مع ذلك اذا كانت الامبراطورية الصينية قد عاشت لفترة طويلة، واذا كانت افكار «صن تسي» ومن خلفوه قد صانت وحدة الامة، فإن «البرابرة» قد استطاعوا ان يحتلوا قلب الامبراطورية يقول المؤلف في احد شروحات الكتاب: «مابين عام 1279 وعام 1911. كانت الصين محكومة خلال 376 سنة، اي بنسبة 58% من هذه الفترة من قبل سلالات اجنبية ـ منغولية ومندشوسيه».

وكان الاحتلال الياباني هو اخر الاحتلالات خلال القرن العشرين، وفي المحصلة يصل المؤلف في تحليلاته الى القول ان الصين تعيش اليوم ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين بحالة سلام مع مجمل جيرانها البريين والبحريين، وهي تؤكد بطريقة او بأخرى ان مشكلة السيادة الوحيدة التي تعاني منها تتمثل في عدم عودة تايوان الصين الوطنية الى «الوطن الام» اما الخصم الوحيد الحقيقي فإن الصين تراه في الولايات المتحدة الاميركية، او بالاحرى في الارادة التي يبديها بعض القادة الاميركيين في السيطرة وحدهم على العالم، في مواجهة مثل هذا الوضع تحاول بكين ان توحد جميع اولئك الذين يعارضون الاحادية القطبية في العالم والتي تطمح في واشنطن لتحقيقها هذا ما يتردد او على الاقل في الخطاب الصيني حول السلام وعلاقات حسن الجوار.

لكن الواقع، كما يقدمه مؤلف هذا الكتاب يختلف قليلا عن هذا الخطاب، ذلك ان الصين محاطة «محاصرة»؟ بعدد من الدول المجاورة المتنوعة التي لا يمكن تصنيفها في خانة الاصدقاء او الحلفاء للصين، كما ان القوة العسكرية الصينية وعلى الرغم من امتلاكها للسلاح النووي لاتزال محدودة جدا وصعبة الانتشار بنفس الوقت لا يرى المؤلف ان الوضع الداخلي الصيني يتسم بدرجة من الاستقرار والازدهار او تتطابق مع ما يقال في الخطاب الرسمي الصيني.

ويفرض الوسط المحيط بالصين، وخصوصيات دوله، تبني استراتيجيات مختلفة مما يسيء الى تلاحمها والى امكانية التوليف بينها، من هنا سيكون على الصين ان تكتفي خلال سنوات طويلة مقبلة ايضا بجعل القدرة العملياتية لقواتها المسلحة مقتصرة على المحيط الاقليمي وبتعويض نقطة الضعف هذه بواسطة دبلوماسية كاملة الاتقان تعتمد على الاستخدام الامثل لجميع الاسلحة غير العسكرية القائمة على المظهر اكثر مما هي قائمة على القوة، اي تلك التي دعا الى استخدامها صن تسي والذين خلفوه والتي تبقى فوائدها بالنسبة لهم اليوم اكثر مردودا من استخدام المدافع كما يقول المؤلف في الجملة الاخيرة من هذا الكتاب.

كتاب عن الصين في عالم اليوم والتي تحتل «خصوصيتها المتفردة الكبرى» في كون انها محاطة بـ «جيران» يمكن ان يمثلوا او «يحووا» خطرا بالنسبة لها وخصوصية متفردة اخرى تأتي من الاولى وتحتل في كون ان الولايات المتحدة الاميركية التي تبعد الاف الكيلومترات عن الصين ومع هذا تجعل منها هذه الاخيرة «خصمها الرئيسي».

الصين قوة محاصرة؟ اذا كانت كذلك فـ «الى متى»؟

LA CHINE

UNE PUISSANCE ENCERCLEE

DE JEAN _ VINCENT BRISSET

IRTS - PUT - PARIS 2002

P.142

 

عودة الى البيان

الأعداد السابقة

عودة الى الصفحة الرئيسية

books@ albayan.co.ae

حقوق الطبع محفوظة لدى مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر